ما هي نظريات المؤامرة وكيف نتعامل معها؟ تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
يمكن تعريف نظرية المؤامرة بأنها اعتقاد بعض الناس في مكانٍ ما من العالم، أن بعض الاحداث السياسية أو الاقتصادية أو حتى العلمية الجارية في العالم تمتلك أهدافاً أخرى خفيةً غير الأهداف المعلن عنها
فربما تريد بعض الأجهزة الأمنية أو الشركات الكبرى أو حتى الأنظمة والمنظمات العالمية أن تصل إلى أهدافٍ معينةٍ لا تعلن عنها، وقد أصبحت نظريات المؤامرة متزايدةً جداً عند كثيرٍ من الناس، خاصةً أولئك الذي يشعرون بالاضطهاد أو بأنهم مستهدفون لسببٍ أو لآخر.
نظريات المؤامرة ليست حديثة العهد
هناك الكثير من المجريات السياسية والاقتصادية التي تثير شكوك الناس وتجعلهم يصنفونها ضمن دائرة المؤامرات العالمية، ولكن ما سنركز عليه هنا هو الأمور العلمية، فهناك مثلاً من يعتقد بأن هبوط الانسان على |القمر| مجرد كذبة، وقد تطرقنا لهذا الموضوع في مقالةٍ سابقة وهناك الكثير من الردود التي تثبت بأن الإنسان نزل فعلاً على القمر، وبأن تكرار العملية ليس صعباً ولكنه مكلفٌ وعديم الجدوى.
هل كورونا مجرّد مؤامرةٍ عالمية؟
انتشرت في السنتين الأخيرتين نظريةٌ تقول بأن |جائحة كورونا| هي مجرّد مؤامرة، فهناك من يعتقد بأن هذا الفايروس من صنع أحد المختبرات، وقد يكون ذلك صحيحاً، ولكن المؤامرة تقول بأن نشر ذلك الفايروس كان متعمّداً ولأغراضٍ خبيثة، فالأرباح المالية التي يمكن جنيها من بيع اللقاحات كبيرةٌ جداً، وهناك من يرى بأن تلك اللقاحات ليست سوى وسيلةٍ للتحكم بالناس بشكلٍ ما.
هل شبكات الجيل الخامس مؤامرةٌ أيضاً؟
نظرية مؤامرةٍ أخرى تزامنت مع الإعلان عن شبكات الجيل الخامس للاتصالات، فهناك من يرى بأن تلك التقنيات ضارةٌ جداً، وبأن تزامنها مع انتشار كورونا ليس صدفةً، وهي تعمل مع |لقاحات كورونا| لتحقيق غاياتٍ مجهولة، والملفت في الأمر أن أصحاب نظرية المؤامرة لديهم ما يدعم آراءهم من الحجج والبراهين المنطقية، رغم افتقارهم للأدلة المادية التي تدعم شكوكهم.
هل تعطي استطلاعات الرأي معلوماتٍ صحيحة؟
يعتقد 8% من الأمريكيين بأن الهبوط على القمر مجرد خدعة مفبركة، بينما لا يستطيع 22% من الأمريكيين الجزم بحقيقة ذلك الإنجاز، أي أن 30% من الأمريكيين أنفسهم غير مقتنعين بالهبوط على القمر، أما استطلاعات الرأي خارج |الولايات المتحدة| فقد دلّت سنة 2019 على أن 47% من الناس غير مقتنعين بهبوط الانسان على القمر.
إحصائياتٌ وأرقامٌ ودلائل خطيرة
يعتقد 25% من الأمريكيين بأن وسائل الاعلام الأمريكية تكذب بخصوص كورونا، وأن انتشار الفايروس كان مخططاً له عن قصد، وذلك من أجل حبس الناس في منازلهم والتحكم بهم، وفي سنة 2020 قامت شركة “غالوب” المختصة بسبر الآراء بإجراء استطلاعٍ للرأي في ثمانٍ وعشرين دولةً شمل خمسةً وعشرين ألف شخص، فأظهرت النتائج أن 32% من الناس يرون جائحة كورونا متعمّدة، وذلك جعل ملايين الناس حول العالم يرفضون تلقي اللقاحات.
ما هي نظريات المؤامرة وكيف نتعامل معها؟ تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
وصفت منظمة الصحة العالمية انتشار أفكار المؤامرة حول فايروس كورونا بأنه وباءٌ معلوماتي، فعندما رفض الكثير من الناس تلقي اللقاح أصبحوا عرضةً للإصابة بالمرض ونقله لغيرهم، وقد تفاقمت مشكلة المؤامرة لتشمل لقاحاتٍ أخرى كثيرة، فهناك من روّج لفكرة أن لقاحات الأطفال المعروفة والمستخدمة منذ سنواتٍ طويلة، تسبب أمراضاً لدى الأطفال مثل |التوحّد|، فامتنع الكثير من الأهالي عن إعطاء تلك اللقاحات لأطفالهم، وهذا خطرٌ كبيرٌ على المجتمع والعالم.
البيئة المناسبة لانتشار نظريات المؤامرة
كان الرئيس الأمريكي السابق “|دونالد ترامب|” من أكبر المرّوجين لنظرية المؤامرة بخصوص اللقاحات، وقد اتهم الحكومات الأمريكية الأسبق بأنها تتستر على الأمر، كما روّج لفكرة أن سلفه الرئيس “|أوباما|” لم يكن مسيحياً بل مسلماً، وكلّ ذلك جعل المجتمع الأمريكي بيئةً مناسبةً لانتشار نظريات المؤامرة، فكان وباء كورونا مجرّد مؤامرةٍ جديدةٍ بالنسبة لكثيرٍ من الأمريكيين، وقد لاحظنا الانتشار السريع للفايروس في الولايات المتحدة.
كيف تعمل نظريات المؤامرة؟
تتعارض أفكار نظريات المؤامرة مع السائد مما يقوله الخبراء، فأصحاب تلك النظريات مقتنعون ويحاولون إقناع غيرهم بأنهم أكثر فطنةً وذكاءً من أولئك المختصين، فيرفضون تلك الثقافة السائدة، كذلك تعتمد نظريات المؤامرة على أفكارٍ مبالغٍ فيها تشد انتباه غالبية الناس، وعلى حبكةٍ محكمةٍ تجعلها لا تنكشف بمرور الوقت، مع أن التاريخ يؤكد أن جميع المؤامرات ستنكشف عاجلاً أم آجلاً.
مؤامرةٌ شهيرة
من أشهر المؤامرات في العصر الحديث، ما يعرف بفضيحة “وتر جايت Watergate” التي حدثت في بداية سبعينيات القرن الماضي بدعمٍ من |البيت الأبيض| والرئيس “نيكسون” نفسه، حيث حاول الجمهوريون سرقة بعض الوثائق والمعلومات من مقرّات الحزب الديمقراطي لكي يحضرّوا أنفسهم للانتخابات القادمة بشكلٍ أفضل، ولكن تلك المؤامرة انكشفت بعد سنتين فاضطر الرئيس “نيكسون” إلى الاستقالة في سابقةٍ فريدةٍ من نوعها.
نظرية المؤامرة تستغل العواطف
تعزّز نظريات المؤامرة فكرة “نحن وهم”، فهي تعتمد على مشاعر قومٍ ما بأن الآخرين لديهم رغبةٌ بأن يسيطروا عليهم، فمثلاً هناك الكثير من أصحاب نظرية المؤامرة الماسونية، الذين يرون بأن الماسونية تسيطر على كلِّ شيءٍ في العالم، وحتى على سياسات الدول ووسائل الإعلام، ويستشهدون بالكثير من الرموز التي قد تتشابه مع رموز الماسونية.
كيف نتعامل مع نظريات المؤامرة؟
قد تكون بعض نظريات المؤامرة صحيحة، وقد تنطوي بعض الأحداث والمجريات على بعض الخفايا، وربما تكون الأهداف المعلنة لبعض الأشياء غير صحيحةٍ أو تخفي وراءها ما تخفي، ولذلك يتوجب علينا التأكد من صحة تلك النظريات، وعدم الانجرار الأعمى وراءها أو وراء من يروّجون لها، ولتحقيق ذلك يمكن اتباع بعض الإجراءات والتدابير.
يجب أن نعرف جيداً كيف نحصل على المعلومات الموثوقة، ويجب أن نتأكد دائماً من صحة المعلومات التي تردنا ومن مصادرها، ويجب أن نتدرب وندرّب أبناءنا على تمييز المصادر الموثوقة من غيرها، كما يجب مشاركة الناس بمعلوماتنا وخاصةً أهل الاختصاص والخبرة، وأن نجعل عقولنا منفتحةً على الأفكار المغايرة لمعتقداتنا والاستماع إلى الآخرين بعقولٍ منفتحة.
إذا وجدت ما أفادك في هذه المقالة فأرجو ان تشاركها مع الاخرين.
سليمان أبو طافش
تعليقات
إرسال تعليق