ما لا نعرفه عن قصة هاروت وماروت و السحر الأسود تصميم الصورة وفاء المؤذن |
وإن أشهر قصة في هذا الموضوع هي التي أوردها ابن كثير في تفسيره، والقصة بالمختصر تقول :
* القصة المعروفة لدى الناس لهاروت و ماروت :
كان البشر يفسدون في الأرض، ويستخدمون |السحر| والدجل واستباحوا القتل والفساد في الأرض.
وبحسب الرواية :
فإن الملائكة قالوا للخالق إننا نطيعك أكثر منهم فأنزلنا الأرض.
فقال الله لهم : اختاروا ملكين منكم لينزلوا الأرض، فنرى كيف يعملان، فاختاروا هاروت وماروت وبذلك بدأت القصة.
عندما نزل هاروت و ماروت الأرض، عاشوا في كهف في| بابل |القديمة، لكي ينشروا السحر الأبيض أو تعاليم معينة ضد السحر الذي كان منتشر هناك حينها
وكان هناك فتاة جميلة جداً اسمها ” إنانا أو زهرة ” وهي من أجمل الفتيات على الأرض، فراودتهما عن نفسها وعرضت نفسها عليهما، وكان مع العرض شرط وهو أن يسجدا لصنم أو يقتلا أو يشربا الخمر.
ترددت عليهما أكثر من مرة في الكهف، ولكنهما في كل مرة كانا يرفضان عرضها.
وفي أحد الأيام شربا الخمر، فسكرا، فزنيا بها، وقتلا طفلاً صغيراً، وسجدا للصنم .
فغضب الله عليهما، فخيرهما خيارين وهما :
إما أن يتعذبان في الدنيا أو يتعذبان في الآخرة، وهذا مقابل ما فعلاه ،فاختارا أن يتعذبا في الدنيا بدل العذاب الأبدي في الآخرة.
وبقيا في الأرض يعلمان البشر السحر .
فأمر الله أن يتعلقان من رجليهما في الكهف، وكل يوم يذوقان فيه العذاب إلى يوم القيامة.
وهذا يعني أنهما موجودان حالياً في كهف مجهول لا نعرف مكانه .
* هل تعرف أسطورة ( بروميسيوس الإغريقية) ؟
وهي الرواية الثانية لقصة هاروت و ماروت .
تقول الرواية : أن الفتاة التي اسمها زهرة هي فتاة من بلاد فارس، سمعت عن نزول الملكين والذي كان حدثاً عظيماً حينها ، وجميع البشر المحيطين ببابل عرفوا قصة نزول الملكين، وكانوا يحاولون التواصل مع الملكين ، ولكن الملكين كانا يضعان الشروط مقابل لقائهما مع البشر
هذه الفتاة استطاعت أن تدخل كهفهما وتروادهما عن نفسها، وذلك مقابل أن يعلمونها ” اسم الله الأعظم “، والسبب هو أن من يعرف هذا الاسم فسوف ينتقل خارج حدود الزمان والمكان
فعندما يقولونه فسوف يصعدون للسماء، فزنيا بها وعلماها الاسم، فقالته وصعدت للسماء
وأثناء صعودها للسماء تم مسخها لكوكب الزهرة الذي نعرفه في مجرة ضرب التبانة.
* المشكلة في هاتين القصتين أنهما منقولتين عن ( ابن عباس رواه عن كعب الأحبار ) و ” ابن كثير ” كتب أنه ” حديث غريب ” وتم ذكره من غيرهم بأنه ” حديث منكر ” .
ما لا نعرفه عن قصة هاروت وماروت و السحر الأسود تصميم الصورة وفاء مؤذن |
* من هو كعب الأحبار ؟
هو شخص يهودي وأسلم، وبدأ يحكي قصصاً عن بني إسرائيل، يذهب للناس في المجالس وهم يقرؤون القرآن، وعند الوصول للآية التي تخص هاروت وماروت، فيقول لهم القصة التي سمعها من التراث اليهودي، وهكذا في أكثر من قضية ..
وهذا ليس معناه أن كعب الأحبار شخص سيء، وإنما هو في النهاية شخص يخطئ ويصيب، والإسرائيليات مليئة بالخزعبلات .
فإن| الإسرائيليات| عامة يكون فيها تأثر واضح بالأساطير القديمة المختلفة .
وبذلك نستنتج بأن هاتين القصتين ليستا إلا خرافة ومحض خيال .
* سليمان بالنسبة لليهود :
المشكلة هي أن |سيدنا سليمان| عليه السلام بالنسبة لليهود كان مجرد ملك وليس نبي .
وآخر الأنبياء عندهم كان ” يوشع بن نون ” عليه السلام.
فكانوا يتعاملون مع معجزات سليمان على أنها سحر، سحر بحت استطاع به أن يسخر الجن والحيوانات وتخضع له الريح .
* من أين أتى هذا الموضوع ؟
في عصر سيدنا سليمان عليه السلام ، كان إبليس مقيد بالسلاسل ويصرخ كل يوم، والذي جعله هكذا هو سيدنا سليمان
وعندما توفى سليمان انفكت قيود ابليس، وقرر أن يأمر الجن والشياطين أن يصعدوا للسماء، و يسترقون السمع من السماء، فيسمعوا الكلام الذي يدور بين الملائكة فيما يخص أمور الأرض بأوامر من الله
فيأخدون هذا الكلام ويذهبون به إلى الكهنة، ويطلبون منهم أن يكفروا بالله مقابل أن يقولون لهم هذه الأخبار ويكتبونها.
وكان الكهنة يكفرون بالله ويكتبون الصحف والكتب التي يقولونها لهم الجن والشياطين، ويكتبون في آخر كل صفحة ” هذا ما كتبه آصف بن برخيا “
و هذا الاسم لوزير سيدنا سليمان.
فأصبح لدينا عنصرين.
– أن| بني إسرائيل| يرون سيدنا سليمان ملك وليس نبي.
– وأن الذي يحدث هو نتيجة للسحر والصحف المكتوبة بتوقيع ” آصف بن برخيا ” الذي يؤكد ذلك .
ما لا نعرفه عن قصة هاروت وماروت و السحر الأسود تصميم الصورة وفاء مؤذن |
* كيف تم نشر هذه الرواية ؟
فجأة حدث السدي البابلي الأول، وانتقلت جامعات من بني إسرائيل لبابل القديمة، لكي ينشرون قصة أن لديهم ملك قوي يستعين بالسحر، ومن خلاله استطاع أن يسيطر على الجن والطير والريح وغيره …
فالموضوع في بابل هو أن الجميع يريد أن يتعلم السحر، وكان الطريق لذلك هو الكتب والصحف التي كتبها الكهنة على أنهم آصف بن برخيا.
فبدأوا يستعينون بهذه الكتب، وحاول الجن والشياطين أن ينقلوه للكهنة وهذا السحر اسمه ” السحر الأسود “…
والسحر الأسود قائم على الكفر والسفلية والتدني البشري.
فأصبح الموضوع بخطة شيطانية هو ” أن أي نبي يقدم معجزة يكون ساحر،وأي نبي يأتي بعد ذلك بمعجزة يكون أيضاً ساحر “.
وأصبح في بابل الكثير من السحرة، وكان هدفهم الكسب المادي، فكانوا مثلاً يفعلون سحر لشخص ليخسر كل شيء، ثم يلجأ لهم ليفكوا لهم هذا السحر، وغير ذلك من الاحتيالات.
إذاً الضرر الواقع رهيب ومدمر للوعي البشري.
هل تتخيل حجم الكارثة الإنسانية التي سنكون بها إذا ضاع المعنى الحقيقي، سيضيع المعنى وتتجه البشرية فوراً للفكر العدمي، ويصبح من غير الطبيعي هو أن تكون طبيعي ، و الكفر بالأنبياء ورسالتهم سيصبح هو الطبيعي، ومهما قدم النبي من معجزات فهي ستكون مجرد سحر كما قدمها كهنة بني إسرائيل في بابل .
* ماهو دور هاروت وماروت الحقيقي ؟
هاروت وماروت كان دورهم أن يعلموا الناس السحر لكي يشرحوا لهم الفرق بين المعجزة والسحر، فأرسلهم الله فنزلوا في بابل، والناس صدقت ذلك لأن هاروت وماروت ملائكة أي ليسا بشر
فالنبي بشر في النهاية، وعندما يثبت النبي الفرق بين السحر والمعجزة لن يكون هناك منطقية في الأمر، وهنا نتكلم عن درجة وعي أقل من التي عليها نحن الآن .
إن هاروت وماروت بدأوا يعلمون الناس السحر، أو بالأصح كيفية الحماية من| السحر الأسود| المتفشي في بابل، ويعلمونهم مدى اتساع المعجزة ومدى ضيق السحر، وكانوا يقولون لأهل بابل أن الذي يقدمونه لهم الكهنة هو الفتنة وهو السحر
لكي تعرف أن تفرق بين المعجزات التي يقدمها الأنبياء والسحر الذي يقدمونه السحرة، فتسترد إيمانك ويقينك بالله وأنبياؤه
ولذلك تقول الآية على لسان هاروت وماروت ( إنما نحن فتنة فلا تكفر )
إذاً فإن السحر الذي قدمه هاروت وماروت كان هو الحماية والدفاع أمام السحر الأسود الذي قدمته الشياطين، وكان مفصلي ومنقذ للتوحيد على مر الزمان.
شاركنا رأيك في التعليقات ..
وإن كنت تعرف قصة أخرى عن هاروت وماروت اذكرها لنا في التعليقات ..
رهف ناولو
تعليقات
إرسال تعليق